أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الدين والإنسان ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الدين والإنسان ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 10 ذو القعدة 1443هـ، الموافق 10 يونيو 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م بصيغة word بعنوان : الدين والإنسان  ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م بصيغة pdf بعنوان : الدين والإنسان ، للدكتور محمد حرز.

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م بعنوان : الدين والإنسان.

أولًا: دينُنَا دينُ الإنسانيةِ.                        

ثانيًا: حرصُ الإسلامِ على الإنسانيةِ .

ثالثًا: نبيُّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم علَّم الدنيَا كلَّهَا الإنسانيةَ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 10 يونيو 2022م  بعنوان : الدين والإنسان  : كما يلي:

خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: الدينُ والإنسانُ . محمد حرز بتاريخ: 11 ذو القعدة  1443هــ 10 يونيو 2022م

الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات:13 ) . وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وليُّ الصالحينَ، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ، إمامُ الأنبياءِ وإمامُ الأتقياءِ وإمامُ الأصفياءِ وسيدُ المرسلين وخاتمُ النبيين وقائدُ الغرِّ المحجلين وصاحبُ الشفاعةِ العُظمى يومَ الدينِ، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ. أمَّا بعدُ: فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوَى العزيزِ الغفارِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران :102).

أيُّها السادةُ:(( الدينُ والإنسانُ )) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا

أولًا: دينُنَا دينُ الإنسانيةِ.                        

ثانيًا: حرصُ الإسلامِ على الإنسانيةِ .

ثالثًا: نبيُّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم علَّم الدنيَا كلَّهَا الإنسانيةَ.

أيُّها السادةُ : بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن الدينِ والإنسانِ؛ لنبينَ للدنيا كلِّهَا أنَّ دينَنَا دينُ الإنسانيةِ، وذلك لنبينَ لمنظماتِ حقوقِ الإنسانِ أنَّ الإسلامَ منذُ أكثرَ مِن ألفٍ وأربعمائةِ سنةٍ وضعَ حقوقَ الإنسانِ قبلَ أيِّ منظماتٍ !!! فأينَ منظماتُ حقوقِ الإنسانِ مِن دينِ الإسلامِ يا سادة ؟

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الدين والإنسان

أولًا: دينُنِا دينُ الإنسانيةِ.

أيُّها السادةُ: دينُنَا دينُ الإنسانيةِ، ونبيُّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم نبيُّ الإنسانيةِ كلِّهَا، وقرآنُنَا قرآنُ الإنسانيةِ كلِّهَا، وشريعتُنَا شريعةُ الإنسانيةِ كلِّهَا، وكيف لا؟ والرسالةُ المحمديةُ رسالةٌ إنسانيةٌ مِن بدايتِهَا إلى نهايتِهَا مع قيامِ الساعةِ، جاءتْ لتراعِي إنسانيةَ الإنسانِ فيما تأمرُ بهِ و تنهَى عنهُ وكيف لا؟ وأولُ ما نزلَ مِن آياتِ القرآنِ الحكيمِ على قلبِ النبيِّ الأمينِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- خمسُ آياتٍ مِن سورةِ العلقِ ذُكٍرَتْ كلمةُ “الإنسانِ” في اثنتينِ منها، قالَ جلَّ وعلا ))اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ))(العلق: 1-5) وكيفَ لا؟ والمتأملُ في كتابِ اللهِ بإنصافٍ وتجردٍ يجدُ أنَّ الخالقَ -جلَّ  شأنُهُ- كرَّمَ الإنسانَ أعظمَ تكريمٍ، وميّزَهُ أعظمَ تمييزٍ، وفضّلَهُ على سائرِ خلقهِ بخصائصَ عظيمةٍ ومزايَا جليلةٍ، تكريمًا كبيرًا منه -سبحانَهُ وتعالى- وتفضلًا، إذْ خلقَهُ بيدهِ ونفخَ فيهِ مِن روحِهِ وأسجدَ لهُ ملائكتَهُ، وجعلَهُ خليفةً في الأرضِ قالَ جلَّ وعلا: ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) ((البقرة: 30 ) .وفضلَهُ على سائرِ المخلوقاتِ، فقالَ ربُّنَا: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا  }( الإسراء:70) ؛ فجعلَ -سبحانَهُ وتعالى- للإنسانِ حقوقًا وخصَّهُ بها، وأوجبَهَا لهُ في كتابهِ العزيزِ وسنةِ رسولهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم-، وجعلَ لهُ ضميرًا، ولم يدعهُ كالبهيمةِ، بل تركَ لهُ حريةَ الاختيارِ وأكرمهُ بالعقلِ الذي  يختارُ بهِ الطريقَ الذي يسعدهُ في الدارينِ، وحملهُ تبعاتِ ذلك الاختيارِ: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة:256).وأنعمَ عليهِ بنعمٍ كثيرةٍ لا تعدُّ ولا تُحصَى، قالَ تعالى:{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}(النحل: 18) ، بها يستقيمُ عيشهُ، وتصلحُ حياتهُ، قالَ جلَّ وعلا ((أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}‏‏ ‏[‏البلد‏:‏ 8 – 10‏]‏.و سخرَّ لهُ كلَّ ما في هذا الكونِ بسمواتهِ وأرضهِ، وما فيهمَا وما بينهمَا مِن الشمسِ والقمرِ والنجومِ والكواكبِ والمجراتِ، فقالَ تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(الجاثية: 13(

 وخصَّهُ اللهُ تعالى بالعلمِ، ومنحهُ العقلَ والفهمَ، قالَ جلَّ وعلا:{الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ *خَلَقَ الْإِنسَانَ *عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}(الرحمن:1 ــ4  قالَ جلَّ وعلا ((عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ))العلق: 5 وتكفلَ سبحانَهُ برزقهِ ورعايتهِ، قالَ عزَّ وجلَّ: (( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ))( الذاريات:57، 58) . ليُقبلَ الإنسانُ على عبادتهِ سبحانهُ، ويؤدِّي واجبَهُ تجاهَ خالقهِ، ويقومَ بمسؤولياتهِ في هذه الحياةِ. وكان مِن أعظمِ التكريمِ للإنسانِ أنَّ اللهَ تعالى حمَّلَهُ أمانةَ هذا الدينِ العظيمِ، فقالَ ربُّنَا:{إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً}(الأحزاب:72)، وجعلَهُم عبادًا لهُ، وشرفَهُم بالانتسابِ إليهِ، وأنَّهُ سبحانهُ وتعالى حررَهُ مِن كلِّ عبوديةٍ لأيِّ مخلوقٍ مهما كان فضلُهُ وعظمتُهُ، وفي ذلك قمةُ التحررِ، حيثُ نُقِلَ مِن عبوديةِ البشرِ والخضوعِ لهُم إلى عبوديةِ اللهِ تعالَى  قالَ ربُّنَا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(الذاريات:56) ، فصار شرفُ هذا الإنسانِ في كمالِ عبوديتهِ وذلهِ وفقرهِ لربهِ، واستغنائهٍ عمَّن سواهُ وأنَّهُ سبحانَهُ هداهُ النجدين، قالَ جلَّ وعلا: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}(البلد:10(،وأنَّهُ سبحانَهُ وهبَهُ التفكرَ والتأملَ في نفسهِ وفيمَا حولَهُ ليوصلَ قلبَهُ إلى معرفةِ ربِّهِ وخالقهِ، قالَ تعالى:{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}(الزمر: 9(وأنَّهُ سبحانَهُ زكَّاهُ بالعبادةِ وطهرَهُ بالطاعةِ، وأمرَهُ بالأخذِ بالأسبابِ، قالَ تعالَى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}(الشمس: 7 ــ10( وأنَّهُ سبحانهُ حرَّمَ العصبيةَ البغيضةَ حيثُ لا فرقَ بينَ عربيٍّ وأعجميٍّ ولا بينَ أبيضَ وأسودَ ولا بينَ شريفٍ ووضيعٍ، ولا بينَ حرٍّ وعبدٍ، ولا بينَ رجلٍ وامرأةٍ، ولا بينَ كبيرٍ وصغيرٍ، حتى الجنينُ في بطنِ أمهِ لهُ حرمتهُ لا يجوزُ المساسُ بهِ، ومِن هُنا جاءَ تحريمُ الإجهاضِ، حتى الجنينُ الذي ينشأُ مِن طريقٍ حرامٍ لا يجوزُ لأمهِ ولا لغيرِهَا أنْ تُسقطَهُ؛ لأنَّهُ نفسٌ بريئةٌ لا يجوزُ الاعتداءُ عليهَا، فلا تزرُ وازرةٌ وزرَ أُخرى، قالَ جلَّ وعلا: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات: 13)  وعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قَالَ: « أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ » . قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ . قَالَ:« فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ » . قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ . قَالَ: « فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِى ، النَّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا » (متفق عليه) . فالإسلامُ دينٌ كرَّمَ الإنسانيةَ، والإسلامُ دينُ الإنسانيةِ كلِّهَا …

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الدين والإنسان

ثانيًا: حرصُ الإسلامِ على الإنسانيةِ.

أيُّها السادةُ: لقد حرصَ الإسلامُ أشدَّ الحرصِ على الإنسانِ، حيثُ قامتْ مبادئُ الإسلامِ وتعاليمهِ وقِيَمهِ كلِّهَا على احترامِ الكرامةِ الإنسانيةِ وصونِهَا وحِفْظِهَا، وعلى تعميقِ الشعورِ الإنسانِي بهذه الكرامةِ، وأمرَ الإسلامُ أتباعَهُ بالمحافظةِ على كرامةِ الإنسانِ المسلمِ وغيرِ المسلمِ، ووجّهَ لمراعاةِ غيرِ المسلمينَ في مشاعرِهِم، ونهَى عن جَرْحِ عواطفهِم؛ فقالَ الربُّ – عزَّ وجلَّ: ((وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [العنكبوت: 46)، وقالَ – عزَّ وجلَّ: ((وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام: 108.( بل ونهانَا عن النيلِ مِن الآلهةِ التي يَعبُدُها المشركون مِن الوثنيين والبوذيين، وكلُّ هذا صونًا لكرامةِ الإنسانِ، وحِفاظًا على حريَّتهِ، واحترامًا لمشاعرهِ، يقولُ الإمامُ القرطبيُّ عندَ تفسيرِ هذه الآيةِ الكريمةِ: “لا يَحِلُّ لمسلمٍ أنْ يَسُبَّ صُلبانَهُم، ولا دينَهُم، ولا كنائسَهُم، ولا يتعرَّضُ إلى ما يؤدِّي إلى ذلك؛ لأنَّهُ بمنزلةِ البعثِ على المعصيةِ ).. (تاريخ الرسل والملوك  الطبري) وكان أبو بكرٍ -رضي اللهُ عنه- يوصِي الجيوشَ الإسلاميةَ بقولهِ: “وستمرونَ على قومٍ في الصوامعِ رهبانًا يزعمونَ أنهُم تَرَهَّبُوا في اللهِ فدعُوهم ولا تهدمُوا صوامعَهُم” …

 ومِن حرصِ الإسلامِ على الإنسانِ: أنْ تحترمَ إنسانيتَهُ وتعاملَهُ بالحسنَى وتحافظَ على دمهِ ومالهِ وعرضهِ بغضِّ النظرِ عن دينهِ وجنسهِ ولونهِ مالم يكنْ مؤذيًا قال جلَّ وعلا:((مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)) (المائدة: 32)، ولقولِ الرسولِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: “مَن قتَل مُعاهَدًا، لم يَرَح رائحةَ الجنةِ، وإنَّ ريحَهَا ليوجدُ مِن مسيرةِ أربعين عامًا)) رواه البخاري . ولا يُلْغِي الإسلامُ حقَّ ذوى القربَى مِن غيرِ المسلمين احترامًا لإنسانيتهِ .. عن أسماءَ بنتِ أبى بكرٍ -رضي اللهُ عنهمَا- قالت: قدمتْ على أُمِّي وهى مشركةٌ فقلتُ يا رسولَ اللهِ إنَّ أُمِّي قدمتْ علىَّ وهى راغبةٌ أفأصلُهَا؟ قال: «نعمْ صلِيهَا. (((متفق عليه)).

ومِن حرصِ الإسلامِ على الإنسانِ أنَّهُ حرمَ الاعتداءَ على الإنسانِ بغيرِ حقٍّ، فالإنسانُ بنيانُ الربِّ معلونٌ مَن هدمَهُ، فإذا جاء كائنٌ مَن كان ليهدمَ هذا البنيانَ ,ويقتلَ إنسانًا, ويريقَ دمًا فكأنمَا اعتدَي على اختصاصِ اللهِ وتحدَّي إرادتَهُ سبحانَهُ الذي يقولُ عنها (إنَّمَا أمرُهُ إذَا أرَادَ شَيْئًا أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون) ( يس:82 )  لذا نري القرآنَ الكريمَ قد اهتمَّ اهتمامًا كبيرًا بأولِ جريمةِ قتلٍ حدثتْ على ظهرِ الأرضِ عندما قتلَ قابيلُ أخاهُ هابيلَ قال ربُّنَا: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) }(سورة  المائدة 27). ولم يكنْ جزاءُ قابيلَ القاتلَ هو الحسرةُ والندامةُ والحيرةُ والقلقُ النفسِي في حياتهِ ,والنارُ في آخرتهِ فحسب !!! بل ما مِن جريمةِ قتلٍ تحدثُ على ظهرِ الأرضِ إلى يومِ أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليها إلّا كان على ابنِ آدمَ كِفلٌ منها ….يا ربِّ سلم لماذا؟ بل توعَّدَ اللهُ تعالى القاتلَ بغيرِ حقٍّ بأمورٍ خمسةٍ: قل جلَّ وعلا{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}(سورة  النساء 93 ). توعَّدَ مَن أعانَ على قتلٍ بغيرِ حقٍّ ولو بشطرِ كلمةٍ، روى ابنُ ماجةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ). لو قال رجلٌ لآخر: (اُقـ) ولم يكملْ الكلمةَ (اُقتل) لقِيَ اللهَ تعالى وهو آيِسٌ من رحمة الله تعالى) هذا حالُ المعينِ بشطرِ كلمةٍ، فما ظنُّكَ بالقاتلِ ـ والعياذُ باللهِ تعالى ـ؟ وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: “لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَأَهْلُ الأَرْضِ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ لَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ”(الطبراني في المعجم الأوسط) بل جاءَ في صحيحِ البخاري عنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) رواه البخاري وفي الحديثِ الذي رواهُ النسائِيُّ والبخاريُّ في التاريخِ مِن حديثِ عمرو بنِ الحمق الخزاعِي أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه و سلم قالَ: ( مَن أمَّنَ رجلاً على دمهِ فقتلهُ فأنَا برئٌ مِن القاتلِ وإنْ كانَ المقتولُ كافرًا) فهل عَرَفَتْ البشريةُ دينًا يحافظُ على الإنسانِ كدينِ الإسلامِ؟ وهل عرفتْ البشريةُ أحدًا يحافظُ على قدسيةِ الإنسانِ كنبيِّ الإسلامِ صلَّى اللهُ عليه وسلم؟ لتتعلمَ منظماتُ الحرياتِ والحقوقياتِ مِن هديِ الإسلامِ ونبيٍّ الإسلامِ صلَّى اللهُ عليه وسلم.  ليس هذا فحسب بل حرَّمَ على الإنسانِ أنْ يقتلَ نفسَهُ؛ لأنَّ نفسَهُ ليستْ مِلكًا لهُ بلْ هي مِلكٌ للهِ تعالى، فنفسُكَ ليستْ ملكًا لك فأنتَ لم تخلقْهَا ولا عضوًا مِن أعضائِكَ ولا خليةً مِن خلاياكَ وإنَّمَا نفسُكَ وديعةٌ وأمانةٌ استودعَكَ اللهُ إياهَا فلا يجوزُ لك أنْ تفرطَ فيها قالَ تعالى: (وَلا تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكمْ رَحِيمًا)(النساء: 29). وفي صحيحِ البخارِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ  قَالَ: قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا). فاللهُ جلَّ وعلا كفلَ لهُ حقَّ الحياةِ، فسخرَ لاستقامتِهَا السماواتِ والأرضَ والليلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَ قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) [لقمان:20]؛ و عصمَ دمَهُ ومالَهُ وعرضَهُ، قال -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: “فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا” (متفق عليه).ليس هذا فحسب بل حرَّمَ على الإنسانِ أنْ يدعوَ على نفسهِ لضُرٍّ مسَّهُ أو نزلَ بهِ، ففي صحيحِ البخاريِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ  قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُم الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ فَاعِلاً، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَت الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَت الوَفَاةُ خَيْرًا لِي).تكريمًا وحفظًا على النفسِ البشريةِ.

 ليس هذا فحسب بل كفلَ الإسلامُ للإنسانِ حقوقًا كثيرةً منها: حقُّ التعلمِ والتعليمِ: وقد كانَ أولُ ما نزلَ مِن  القرآنِ الكريمِ الدعوةَ للمعرفةِ والقراءةِ، قال -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) (العلق:1-3)ليس هذا فحسب بل كفلَ  لهُ  الإسلامُ العملَ والكسبَ فقالَ- جلَّ في علاه-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [الملك:15]، وقالَ -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: “ما أكلَ أحدٌ طعامًا قط خيرًا مِن أنْ يأكلَ مِن عملِ يدهِ، وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ مِن عملِ يدهِ” (أخرجه البخاري(ليس هذا فحسب بل كفلَ الإسلامُ للإنسانِ حقَّ التملكِ والتصرفِ، وهذا تأكيدٌ على حقِّ الفردِ في التملكِ، قال -تعالى-: (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (الحديد: 7).

فإنَّ مِن العدلِ والإنصافِ أنْ نصرخَ في وجوهِ أدعياءِ حقوقِ الإنسانِ لقد سبقكُم إلى ذلك الإسلامُ ودعا إليه، فقد حثَّ الإنسانَ على العدلِ، ونصرةِ المظلومِ، وإعانةِ الفقيرِ، وإفشاءِ السلامِ، وحفظِ المالِ العامِ والخاصِ، وضمنَ حقوقَ الأطفالِ والنساءِ والضعفاءِ، ولذلك صحَّ في أثرٍ لهُ شواهدُهُ أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- قال في حلفِ الفضولِ، وهو حلفٌ تداعتْ إليهِ قريشٌ في الجاهليةِ، بأنْ لا يجدُوا مظلومًا مِن أهلِهَا، أو مِن غيرِهِم مِن سائرِ الناسِ، إلَّا قامُوا معه حتى تردَّ عليه مظلمتُهُ، قال -صلَّى اللهُ عليه وسلم- بعد أنْ أصبحَ نبيًّا رسولًا: “لقد شهدتُ مع عمومتِي حلفًا في دارِ عبدِ اللهِ بنِ جدعان ما أحبُّ أنَّ لي بهِ حُمْر النَّعَمِ، ولو دُعيتُ بهِ في الإسلامِ لأجبتُ“. اللهَ اللهَ

ومِن تأكيدِ الإسلامِ على قيمةِ الإنسانيةِ في أسمَي المعانِي دعانَا إلى حسنِ الصلةِ مع الناسِ جميعًا، قالَ جلَّ وعلا (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) (البقرة:83) وقالً ربُّنَا: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )(الممتحنة:8) وجعلَ أحبَّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهُم للناسِ دونَ تقييدٍ بلونٍ أو جنسٍ أو غيرِ ذلك ، كما قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم ” أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ( رواه الطبراني وابن أبي الدنيا)  وعظمَ أجرَ كلّ ما كان فيهِ نفعٌ للناسِ ولو قل، فقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ((بيْنَما رجُلٌ يمْشِي بِطريقٍ وَجَدَ غُصْن شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ، فأخَّرُه فشَكَر اللَّهُ لَهُ، فغَفر لَهُ))(متفق عليه) فعذرًا يا أدعياءَ حقوقِ الإنسانِ، إنَّ شريعةَ الإسلامِ هي: مصدرُ الحقوقِ وحمايتُهِا، وكلُّ الحقوقِ مأخوذةٌ منها، سواءٌ مِن نصوصٍ خاصةٍ أو مِن نصوصٍ عامةٍ، أو مِن القواعدِ العامةِ للشريعةِ، فما تقررُهُ فهو الحقُّ، وما تنفيهِ فليس بحقٍّ وإنْ رأيتمُوه حقًا. فاللهَ اللهَ في الإسلامِ وفي شريعتهِ الغراء.

أنا مُسلمٌ والسِّلمُ فِي وِجْدَانِي *** سِلْمًا مِن الإرهابِ والعُدْوَانِ

رَبِّي السَّلامُ تقَدَّسَتْ أسمَاؤُهُ *** ذُو الفَضلِ والإكرامِ والإحسَانِ

الخطبة الثانية الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  …………………… وبعدُ

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الدين والإنسان

ثالثًا: نبيُّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم علَّمَ الدنيَا كلّهَا الإنسانيةَ

أيُّها السادةُ: نبيُّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم نبيُّ الإنسانيةِ بلا منازعٍ، وكيف لا؟ ولقد ضربَ لنَا رسولُنَا -صلَّى اللهُ عليه وسلم- أروعَ الأمثلةِ في القيمِ والمعانِي الإنسانيةِ والخلقيةِ قبلَ البعثةِ وبعدَهَا، وقد شهدَ لهُ العَدُوُّ قبلَ الصديقِ والبعيدُ قبلَ القريبِ فهذه أُمُّنَا السيدةُ خديجةُ رضي اللهُ عنها وأرضَاها  قالتْ لما نزلَ عليه الوحيُ وجاءَ يرجفُ فؤادُهُ : كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ؛ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ؛ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ؛ وَتَقْرِي الضَّيْفَ؛ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ))) (متفق عليه)  كانَ نعمَ الناسِ في التعاملِ مع الخدمِ والعبيدِ وكان خيرَ إنسانٍ  في التعاملِ مع الأطفالِ والصبيانِ والنساء وِكان أعظمَ إنسانٍ  في التعاملِ مع الضعفاءِ ولينِ الجانبِ لهُم فعن أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: “خَدَمْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ، وَلَا لِمَ صَنَعْتَ، وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ ((متفق عليه) وكان خيرَ إنسانٍ في التعاملِ مع الأطفالِ والصبيانِ والنساءٍ  فقد كانَ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- رحيمًا بالأطفالِ: فعن أَبَي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:” قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ) (متفق عليه) بل كان أرحمَ إنسانٍ  في التعاملِ مع الحيوانِ: فقد تجاوزتْ إنسانيتُهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- ذلك كلّه إلى الحيوانِ والبهيمةِ فيروِي عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ -رضي اللهُ عنهما- أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- دخلَ حائطًا لرجلٍ مِن الأنصارِ، فإذا فيه جملٌ، فلما رأى النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- حنَّ وذرفتْ عيناهُ، فأتَاهُ -صلًّى اللهُ عليه وسلم- فمسحً ظفرَاهُ فسكتَ، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم: “مَن رَبُّ هذا الجَمَلِ؟ لِمَن هذا الجمل؟”، فجاء فتًى مِن الأنصارِ فقال: لي يا رسولَ اللهِ، فقالَ لأَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا؛ فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ ‏‏وَتُدْئِبُهُ) (أبو داود) وكان أعظمَ إنسانٍ  في التعاملِ مع الكفارِ: فالإنسانيةُ في الإسلامِ لم تقتصرْ على المسلمين فحسب، بل تعدتْ لتشملَ الكفارَ كذلك، فعندما قِيلَ لهُ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- ادْعُ على المشركين، قال: “إنِّي لم أُبعثْ لعَّانًا، وإنَّمَا بُعثتُ رحمةً”(مسلم)، وقال في أهلِ مكةَ -لما جاءَهُ مَلَكُ الجبالِ ليأمرَهُ بما شاءَ بل أرجُو أنْ يُخرجَ اللهُ مِن أصلابِهِم مَن يَعبد اللهَ وحدَهُ لا يشرك به شيئا ((متفق عليه)، فالإسلامُ دينُ الإنسانيةِ ونبيُّنَا صلَّى اللهٌ عليه وسلم هو نبيُّ الإنسانيةِ وشريعتُنَا حفظتْ للإنسانِ مكانتَهُ بينَ الناسِ.

حفظَ اللهُ مصرَ مِن كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

                    كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز

 إمام بوزارة الأوقاف

 

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!